العدل والمساواة في القانون
من Jawdat Said
لا بد من تفصيل هذه القواعد والقوانين وتوضيحها، لا يكون قانوناً وقاعدة إن لم يطبق على الجميع، وقبول الناس للقانون لا يقوم على أساس مقدار العدل الكائن فيه، بل على مقدار ما يعم الناس، فالناس قد يتحملون قسوة القانون، ولكنهم لا يتحملونه ولا يحترمونه ما دام هناك من هو فوق القانون: « إنما هلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد » (1)، هذا هو سبب هلاك الحضارات السابقة، وهو سبب هلاك الحضارات الموجودة الآن، والتي ستوجد في المستقبل، ولن تبكي لهلاكهم الأرض ولا السماء.
إن حق النَّقض (الفيتو) في أكبر مؤسسة عالمية سيكون سبباً لهلاك هذه المؤسسة، لأنها باعتماده تكون مبنية على شفا جرف، وما أهلك الحضارات التي حافظت على الامتيازات، سيهلك الأمم والدول المبنية على الاحتفاظ بالامتيازات، والتي لا تقيم العدل بين الناس: (وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) النساء: 4/58، أن تحكموا بالعدل بين الناس جميعاً.
إن الذين يخشون تطبيق العدل بين الناس جميعاً سيسقطون، وسيسقط بنيانهم من القواعد، وسيخر عليهم السقف من فوقهم.
إن الكفر والشرك هو عدم المساواة بين الناس، وكما تنبه فوكو إلى أن: « الطريقة الوحيدة التي لا يزال بوسعه اللجوء إليها هي التفسير التاريخي المتجه نحو التحليل البراغماتي »؛ فإن بعض الفقهاء المسلمين تنبهوا إلى أن الدولة العادلة تبقى وإن كانوا يلامسون دعوة الأنبياء، واتجاه التاريخ، وهدف الوجود، واستخدام طاقات الإنسان على أفضل وجه في الكفاءة والمردود والعاقبة.
إن البراغماتية كلمة متهمة، والنفعية كلمة مقتية ومدانة.
كيف يكون الأمر الواحد مصدراً للخير والشر في آن واحد؟
هذا هو الذي يجعل الأمر ملتبساً، ولعل كلمة الإنجيل في هذا الموضوع توضح هذا أيضاً حين قال: « الحجر الذي رفضه البناؤون صار حجر الزاوية ».