أبو ذر في التاريخ
من Jawdat Said
كنت وقفت وقفة قصيرة عند بلال، ولكن ما قصة أبي ذر؟ لماذا عاش الوحدانية، ومات عليها، ويحملها معه إلى يوم القيامة؟
ما هي قصة أبي ذرٍ في التاريخ؟ من ذا الذي سيكشف قصة أبي ذرٍ في التاريخ؟ كيف ضاع أبو ذر في خضم التاريخ والأحداث وضجيجها؟ كيف ومتى سيظهر التاريخ أبا ذرٍ مرّة أخرى؟ كيف ستتهاوى كل المواقف وتذهب جفاءً، ويمكّن في الأرض موقف أبي ذر؟ كيف سنتعلم أنه كان من أنجب تلامذة معهد النبوة ومعهد التاريخ، تاريخ النافع الذي سيمكث في الأرض؟
دع أبا ذرٍ الآن، وتأمل كيف يخفي التاريخ أبا ذرٍ، وكيف يكشفه من جديد بعد كل هذه المدة الطويلة!!..
تأمل كيف يغربل التاريخ أحداثه وأشخاصه، وكيف يعلن نتائج الامتحان، وأسماء الناجحين والراسبين: (وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) الأنبياء: 21/47.
كيف يعمل التاريخ؟ كيف تعمل البيئة؟ كيف يصنع المجتمع بيئته دون شعور منه؟ ثم كيف يصير المجتمع أسير بيئته؟ كيف يصعب على الأفراد والمجتمع بأسره أن يتخلصوا مما صنعوه بأيديهم؟ كيف تفقد الحجة دلالتها، وكيف يفقد الكتاب جدواه؟
إن في قصة الشمس دلالة تذكرنا دائماً بشروق الشمس، الشروق الذي هو المصدر اليومي لطاقة الحياة على الأرض، والذي كان دليلاً على إمكان الوقوع في الخطأ.
كيف كان هذا الواضح الذي هو سبب الوضوح والضياء غامضاً؟ وكيف أخطأ العالم جميعاً في فهمه خلال قرون وقرون، ثم أخيراً، وأخيراً جداً، ظهر أن فهم الناس ورؤيتهم كانت خاطئة.
لقد سجل التاريخ أحداث انقلاب الرؤية الكونية بِدَويٍّ كبير، ومهد هذا الكشف الفلكي لكشوفات جديدة في مجالات أخرى كثيرة.
إن الناس أخطؤوا في فهم الحياة وانبثاقها من الموت، وأخطؤوا في فهم كيفية انبثاق الفهم والإدراك، وصار هذا الأمر موضع تساؤل، ولم يصل الناس فيه إلى قرار.
لقد أعيا الفلاسفة وأولي الألباب من البشر فهم الكيفية التي يحصل بها الفهم والمعرفة، فكيف تحصل المعرفة، وكيف يحصل الفهم، وهل المعرفة والفهم ممكنان؟ هل نثق بالفهم؟
إن الحيرة والالتباس والفوضى والشك والارتياب والصراع الذي ينتج عنه كل صراع هو الصراع على الفهم والإفهام، وكل جهود الفلسفة الآن تتجمع عند عتبة فهم الإنسان وفهم ما ينتج عن الفهم من سلطة.