مشكلة الفهم
من Jawdat Said
سلوك البشر ليس كحركة الشمس أو الإلكترون، سلوك البشر نتيجة الفهم الواعي أو غير الواعي الكامن في النفس، ولكن من أين يأتي ما بالنفس، وكيف يدخل إلى الإنسان؟ هل رافق الإنسان حين يخرج من بطن أمه؟
علينا أن ننظر كيف بدأ الخلق، وعند أي نقطة يبدأ الخلق؟ (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْعَ وَالأبْصَارَ وَالأفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) النحل: 16/78.
إن مشكلة المسلمين والعالم هي مشكلة الفهم الذي يُنتج السلوك والسلطة والتسخير، فما هو الفهم؟ وما كّم هذا الفهم وكيفه؟ وما دليل حصوله؟
المشكلة مشكلة فهم، لا مشكلة شيء آخر، قد يشتبه على الناس أحياناً أن المشكلة ليست مشكلة الفهم، ولكنهم بمجرد أن يتجاوزوا معنى الفهم، فإنهم يتركون سواء الصراط.
ما هو الفهم؟ كيف نميز الفهم الصحيح من الفهم الخاطئ؟ هل يمكن أن يكون الفهم خاطئاً؟ هل يمكن أن يكون الإيمان خاطئاً؟
نعم، نعم الإيمان ليس دليلاً على الصواب وصحة الفهم، الصواب دليله ليس في النفس، وليس في العقل، ليس في داخل الإنسان، بل هو خارج عنه وعن فهمه، عن فهمه للشمس والقمر، عن فهمه لله والرسول، ليست الحجة في فهمه، ليست في فهمي ولا في فهمك. إنه خارج عني وعنك، دليل الفهم في الواقع الخارجي، في المردود الذي يرجع عليك من فهمك.
لم يكن دليل غاليليو في ذهنه، كان دليله في السماء والأرض، لم يكن دليله في ذهنه، بل إنه تراجع عما في ذهنه.
إن الشمس والقمر والأرض لم تكن تبالي بما في ذهن غاليليو، ولم تكن تبالي بإيمانه، ولم تكن يبالي بفكره، ولم تغير سلوكها من أجل ما في ذهنه من فهم أو علم أو إيمان أو كفر، ويبقي دليل ما في ذهن غاليليو خارج غاليليو، وحين مات غاليليو لم تمت الشمس والقمر والأرض، ولو كان الوجود يتبع ما في أذهان الناس من الفهم لفسد الكون والعالم، ولكن الكون لم يتغير ولم يفسد، بل اضطر الناس إلى تغيير فهمهم للشمس والقمر والأرض.
إنني الآن أزعم أن فهم الناس؛ جميعاً، فهم خاطئ، وأن ما جاء به الأنبياء هو الفهم الصحيح، فقد جاؤوا بفهم جديد للعالم، ولكن الناس أعرضوا عنه ولم يستطيعوا فهم النبوات، وما جاءت به النبوات للإنسانية.
أن أزعم أنني أستطيع أن أبدأ تجديد منهج النبوة في العالم.
المشكلة مشكلة فهم، وكما أن الناس وقعوا في الخطأ الفادح، حين فهموا الشمس والأرض فهماً معكوساً، فكانوا يظنون ويعتقدون بداهة أن الشمس تدور حولهم، فظهر لهم أنهم هم الذين يدورون حول الشمس، فكما أنهم وقعوا في هذا الخطأ؛ كذلك نحن نعيش مع النبوات والكتب السماوية والله، ونفهم فهماً خاطئاً، وليس الدليل على خطأ فهمنا موجود في الدماغ، بل هو في الأرض خارج الدماغ؛ في الواقع، وفي العواقب.
ما هو الدليل على صحة فهم ما أو خطئه؟
ليست دعواك ولا دعواي دليلاً على ذلك: (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) سبأ: 34/24، قد يكون كلانا على ضلال مبين، وقد يكون أحدنا هو الضال، إلا أن المواضيع التي نفكر فيها ونكون عنها فهماً لا تتبع ما في أذهاننا، الشمس لا تتبع ما في أذهاننا، الله لا يتبع ما في أذهاننا، وكذلك القرآن والنبي: (وَلَوْ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتْ السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ) المؤمنون: 23/71.