بين الآباء والأبناء
من Jawdat Said
إن شأن التاريخ عجيب، فالأبناء يفخرون بأمجاد آبائهم، وكم نجد من لذة للأعمال المجيدة التي قام بها آباؤنا، وكم نجد من سعادة، وكم يصيبنا السُّكر بها، وكم نبحث في أعمال الآباء عن كل ما يرفع رؤوسنا فنكبره ونعظمه، ولكن هل يحرص الآباء الآن على أن يفعلوا الأشياء التي تجعل الأبناء يعتزون بها، أم أنهم يرتكبون الحماقات التي تنكس رؤوس الأبناء؟ ما فات مات، ولكن كيف ننقذ ما يمكن إنقاذه؟ ننقذه بأن نتعلم كيف نستفيد من التاريخ الفائت، بحيث لا نكرر ما وقع فيه من أخطاء.
إن التاريخ الماضي هو الذي يعلمنا الخوف من التاريخ الآتي الذي سيحكم علينا.
في كتاب كليلة ودمنة، يقول الفيلسوف بيدبا لتلاميذه الذين خوفوه من بذل النصح للملك دبشليم، يقول: « لكنني أخشى أن يسجل التاريخ أن الفيلسوف بيدبا كان يعيش في زمن الملك دبشليم فلم يقم بيدبا بواجبه من النصح والإرشاد ».
في ذلك الزمان كان الأمر أمر نصائح، ولم يكن أمر كشف قوانين وتعليم، في تلك الأيام كانت الأخلاق مفصولة عن العلم، ولم تكن إحدى ثمرات العلم، ومع ذلك كان الحس التاريخي موجوداً « أخشى أن يسجل التاريخ.. ».
ونحن أيضاً نهتم بان يفهم الناس عنا، ونمتعض حين لا نتمكن من إفهامهم، تسرنا أنباء الفهم الآني العاجل، ولكن هل نحس بأهمية ما نقول بالنسبة للأجيال القادمة؟ هل لدينا حسٌّ تاريخي يدفعنا للقيام بأعمال إبداعية، بدل أن نقوم بأعمال تخجل منها الأجيال؟