نحو العدل والمساواة
من Jawdat Said
ألم يكف ما مَّر علينا من هلاك القرون فيكون لنا بها عبرة؟ أليس في أنبائها ما يحملنا على الدعوة إلى الرشد والتخلي عن العلو في الأرض؟ أليس فينا رجل رشيد؟
تعلموا تأمل ما حدث في التاريخ وما يحدث، تأملوا ما يحدث في أُوربة الغربية! إنهم على الأقل رفعوا مستوى التخلي عن التعالي فيما بينهم وأقروا أنهم بشرٌ متساوون.
إن ما يحدث مدفوع الثَّمن، إنهم فهموا تجاربهم، وقوّموا تاريخهم، لم ينكروا التاريخ، ولم يُعرضوا عن عبر الأحداث.
كيف ومتى تتعلم المجتمعات عبر التاريخ؟ هل يمكن اعتبارهم بقوم يونس؟
إن جهاز معرفتنا هشٌّ وكليل عن إمكان ربط الأسباب بالنتائج، وعاجز عن تخيل حصيلة تجاربنا للماضي.
لقد وُصف آد بالنسيان، ونحن أمرنا بالتذكر والتذكير، وقيل لنا إن النسيان يوهن من العزائم (فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا) طه: 20/115.
كيف سنقوم بعملية التذكير؟
نقوم بذلك بالعودة إلى التاريخ: (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا) طه: 20/115، والله تعالى قال لمحمد (ص): (تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا، وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ، كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ، وَمَا وَجَدْنَا لأكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ، وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ) الأعراف: 7/102، وقال: (وَكُلا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ، وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ، وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ) هود: 11/122.
إن في قصص التاريخ ما يثبّت الفؤاد، ولهذا فإن الله تعالى يعطي أهمية كبرى للتاريخ باعتباره من أهم مصادر المعرفة، ومن أنفع وسائل التربي، فحين تشتبه الأمور وتخور العزائم، فإن من يتذكر التاريخ يثبُتُ فؤاده، وإذا لم تصدقوا هذا، ولم تؤمنوا به، فـ (اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ، وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ).