متى يفقد الكتاب معناه وجدواه

من Jawdat Said

اذهب إلى: تصفح, ابحث
كتب جودت سعيد

كن كابن آدم


Kunkabkadm.cover.gif
انقر هنا لتحميل الكتاب
مقدمة وتمهيد
المقدمة
تمهيد
الفصول
الفصل الأول: السلطة والمعرفة
الفصل الثاني: الخوف من المعرفة
الفصل الثالث: قراءتان للقرآن
الفصل الرابع: الغيرية والجنون الأعظم
الفصل الخامس: الإنسان والتاريخ
الفصل السادس: في دلالات آية الوحدة الأوروبية
الفصل السابع: مذهب الرشد، مذهب ابن آدم والأنبياء


ليس إثبات أن هذا الكلام موجود في القرآن أو كتب الصحاح هو الجهد الذي ينبغي أن يبذل الآن، بل ما ينبغي أن تبذل الجهود فيه هو اكتشاف (علم جديد) يبين كيف يفقد الكتاب والكلام قيمتهما، بل تفقد الفكرة معناها وجدواها، وكيف يضل سعي الناس في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعاً.

هذا علم جديد، لا ليس جديداً! إنه شيء قديم جداً، ولكن كيف نستطيع أن نحول هذا القديم إلى علم واضح. كيف يمكن أن تذهب أدراج الرياح جهودُ كل الذين يسعون بك إمكاناتهم، ويستحضرون كل أسلحتهم؛ ليثبتوا صحة حديث أو فكرة أو مفهوم معين؟

إن هناك تغيراتٍ تحدث في النفوس، وعملياتٍ تحدث للأفكار، لا يبقى معها أي قيمة للكتاب والحديث. وتجارب الأقدمين والخسائر الحديثة، كل هذه الأمور تفقد قيمتها إزاء أوضاع معينة، في بيئة أو مناخ معين.

وبعبارة أخرى أقول: متى يفقد الكتاب؛ القرآن بالذات، الانتفاع به ومنه؟! ما هو التغير الذي يجرف كلام الله، وكلام الرسول، وحكمة الحكماء، ويأتي كقوة ضاغطة متحكمة بكل المقدسات؟.. كيف يتسلل هذا الوباء دون أن يُرى، ودون أن يُحسَّ به؟ ليلوي الأعناق، وليغلق القلوب والأفئدة، وليضع الغشاوات على الأعين والأوقار في الآذان، وليسد جميع المنافذ.

كنت قد ذكرت قصة تدل على شيء من هذه المعاني في مقدمة كتاب (أيها المحلفون! الله لا الملك)، وتمنيت أن يتوافر الدارسون للانتباه إلى هذا الجانب من المشكلة في مستواه الأبعد، وفي المحيط الذي يُلغي فيه الله الرسول والفكر والفهم والإدراك: (وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً) الكهف: 18/57.

كثيراً ما أذكر قول الرسول في الكيفية التي يَفقد الناس فيها الانتفاع بالكتاب، واستشهاده (ص) بالتاريخ دليلاً على ذلك، ولكن كيف يصل الإنسان إلى درجة لا يجد فيها سبيلاً إلاّ أن يقذف بنفسه إلى العذاب، وحقاً ليس غير العذاب موقظاً لأمثال هؤلاء؛ عذاب الله، وعذاب البأس الذي يذيقه بعضهم لبعض.

عن زياد بن لبيد أنه قال: ذكر النبي (ص) شيئاً فقال: « وذلك عند ذهاب العلم »، قلت: يا رسول الله! وكيف يذهب العلم ونحن نقرأ القرآن ونقرئه أبناءنا، وأبناؤنا يقرئونه أبناءهم إلى يوم القيامة؟ فقال: « ثكلتك أمك يا زياد / إنْ كنت لأراك من أفقه رجل بالمدينة، أوليست هذه اليهود والنصارى بأيدهم التوراة والإنجيل ولا ينتفعون مما فيهما بشيء » رواه الترمذي في العلم، باب: ما جاء في ذهاب العلم، رقم (2655) وابن ماجة في الفتن، باب: ذهاب القرآن والعلم، رقم (4048) وإسناده حسن.

لو اطّلعتُ على كتاب صيني مكتوب بالأحرف الصينية؛ لم أكن لأفهم حرفاً واحداً مما فيه، وإلى الآن لم أعلاف، ولم أستوضح كيف أن اللغة الصينية أو حروفها يمكن للذين لا يعرفون لغة بعضهم أن يقرؤوها، وكيف أن الحروف واحدة، والمعنى الذي يفهمونه واحد، ولكنهم لا يتكلمون لغة واحدة!

لعل ما يقرب هذا الأمر وحدة الحروف العربية والفارسية، وكيف أنه رغم وحدة الحروف لا يمكن فهم المعنى، وقريب من هذا ما يقال لنا من أن اثنين من الصينيين، رغم أنهما لا يعرفان لغة بعضهما ويقرآن الرموز بلغتين مختلفتين، ولكنهما يفهمان من الكلمة أو الحرف معنىً واحداً، فمثلاً صورة السرير تدل على مكان النوم، وإن كان اسم السرير مختلفاً لدى كل واحد منهم، ولكن هذا الرمز يدل على السرير بجميع اللغات.

هذا نموذج سبق لتقريب المعنى، فماذا أريد أن أقول؟!!

كن كابن آدم المقدمة والتمهيد الفصل الأول
مقدمةتمهيدمتى يفقد الكتاب معناه وجدواهلغة الحروف ولغة والمعانيابن آدم والفرق المتصارعةالقرآن والتاريخالإنسان والكبر