غائية الوجود
من Jawdat Said
إنه اكتشف شيئاً مهما، وهو أن مشاعرنا وأحاسيسنا لا قيمة لها، وإن كانت تسير حياتنا، وهذا كشف مهم جداً، ومشاعرنا وأحاسيسنا خداعة وفاسقة، والدليل على ذلك أننا أخطأنا في تفسير الشمس، غير أنّ الشمس لم تخطئ سيرها إرضاءً لأحاسيسنا ومشاعرنا، وبذلك لم تفسد حركة الكون:« إن يبغ عليك قومك، فلن يبغي عليك القمر »، وقد علمنا الله تعالى أن نقول: (إِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) سبأ: 34/24، والعواقب هي التي تفرز الهدى من الضلال.
ليست مشاعري، ولا مشاعرك هي المرجع عند الاختلاف يا سكينر! بل هناك مرجع آخر في الوجود، هذا المرجع لا يبالي بنا، إن له هدف آخر، وإذ انتهينا إلى هدف الوجود؛ فستقل الجهود، وسيُختصر الزمن، وسنحصل على مردود أكبر (خير وأبقى). هذه هي غاية الوجود، ومن أراد أن ينكر هذا فله الحق في الإنكار، واعتقد أن الذي ينكر هو الذي يدفع الثمن.
من أجل هذا أشعر أن الحضارة الغربية تعيق حركة البشر، وقد كان بالإمكان تقليل الجهود واختصار الزمن والحصول على مردود أكبر من الخير والأبقى، لكن في مجموعهم يعطلون سير التاريخ لأنهم يفرضون فيه العبثية حتى في مستوى كبار مفكريهم.
ينبغي أن نقدر لبعضهم ما بذلوه من جهود، وروجيه غارودي إنما جعل فلسفته وكل همه في إعادة المعنى إلى الوجود الإنساني، لأنه شعر أن العالم مُفرغ من المعنى، ومن الغائية والهدف، حتى إن هذا المفهوم سيطر على بعض أكثر شبابنا ذكاءً، مثل فايز فوق العادة رئيس الجمعية الكونية السورية بدمشق، وهو ورفقاؤه يذكرون أسماء ونظريات الكم واللايقين، وبمثل هذه المبادئ والأفكار يفرغون الوجود من المعنى، وليس غير الانتحار نهاية لمن تسيطر مثل هذه الأفكار عليه كلياً، ولو كان الذين ينادون باللاهدف منسجمين مع أنفسهم لما جاز لهم أن يبذلوا أي جهد في سبيل أي غاية.