سنة دنيوية لا أخروية
من Jawdat Said
المحاسبة في الدنيا جماعية، وفي الآخرة فردية
لا تتوجه الآية إلى المشكلة الأخروية والحساب الأخروي . وإنما تتوجه إلى المحاسبة الدنيوية الاجتماعية . ونحن ينبغي أن تكون لدينا القدرة على فهم هذا الموضوع على هذا الشكل . كما أن هذا ليس معناه أن نقلل من شأن الآخرة ، أو نهمل دخل الآخرة في الموضوع ولكن المقصود هو التنبيه إلى مجال السنن وحدودها . وأن مضمون هذه الآية في محاسبة الناس ، أو محاسبة المجتمع ، وتغيير ما بالمجتمع على أساس العمل الجماعي وفي الدنيا أيضاً . وأن التغيير المراد في الآية ، هو التغيير الذي يحدث في الدنيا .
وهذه الملاحظة ، تفيد أيضاً في تحديد الموضوع وتوضيحه ، وتساهم في إمكان فهم أعمق لآلية تغيير المجتمع . كما تبين أن المحاسبة في الدنيا جماعية ، ومحاسبة الآخرة فردية . أما كون المسؤولية في الآخرة فردية فالآيات التي تدل عليها كثيرة منها قوله تعالى : « ونرثه ما يقول ويأتينا فرداً » . مريم – 81 ، وقوله تعالى : « ألاَّ تزرُ وازرةٌ وزرَ أخرى وأنْ ليسَ للإنسانِ إلاَّ ما سعى وأنَّ سعيهُ يُرى » النجم – 40.
وأما المسؤولية الاجتماعية ، أي مؤاخذة المجتمع كله ، فكذلك واضح في قوله تعالى : « واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب » الأنفال – 25 .
فحين تنزل المصيبة على المجتمع المقصر فأنها تعم أفراداً لم يكونوا مقصرين ، وبالمقابل قد يسعد أفراد مقصرون في المجتمع السليم .
ويدل على هذا أيضاً حديث الرسول صلى الله عليه وسلم لما سئل : « أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : نعم إذا كثر الخبث » وهذا واضح في أن محاسبة المجتمع في الدنيا جماعية كما أن المصيبة تعم الجميع وكذلك النعمة . وينبغي أن يفهم ذلك في حدود المجتمع.