سبيل الاتحاد الأوربي وسبيل الاتحاد السوفيتي
من Jawdat Said
لا تكونن من الممترين؛ من المكذبين، من الذين يندفعون في طريق الخسارة والتدمير: (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ، وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الألِيمَ) يونس: 10/96-97.
نحن نرى إلى الآن أمماً تتمزق كما تمزق الاتحاد السوفيتي، وأمماً تتوحد كما توحد الأوربيون الغربيون، وأخرى تنزف ويذيق بعضها بأس بعض، لأنها ترفض سبيل الرشاد، ولا تستفيد من الآيات وتكذب بها.
لا تكونن من الذين كذبوا فتكون من الخاسرين: (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ..).
لو أمكننا أن نحول اللغة السماوية إلى لغة أرضية تجارية بحتة، لأمكن فهمها بشكل أكبر، ولو أمكننا أن نجعلها لغة تربوية تغييرية، ووعياً ينبغي نشره في الأمة، وعياً محسوساً بنوعه وكمه وتكاليفه من الجهود، وساعات العمل، أو محسوباً بالدولار كما يفعل بعضهم، لأجل التوعية ونشر المعرفة بشكل محسوب من الذرة إلى المجرّة، لو فعلنا ذلك لأمكننا أن نفهم أن الإيمان المحسوب هو اليقظة الواعية، وهو الذي يدفع العذاب أو يقلل منه.
حين يقول الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ)، وحين يقول: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) الرعد: 13/11؛ فهذا يعني أن كلمة ربك هي أنه لا يغير ما بهم من الخسارة والنقمة حتى يغيروا ما بأنفسهم، وتغيير ما بالنفس لا يكون إلا بالاطلاع على ما يحدث في العالم، وبالتأمل في الكيفية التي يحدث بها، وبالنظر فيما تغير في الآخرين حتى غير الله ما بهم، وبالكشف عن سبيل الرشد، والاجتراء على سلوكه، لأن الدعوة إلى هذا السبيل تحتاج إلى جرأة، ودليل ذلك أن احداً لا يجرؤ على ذكر هذا الحدث، حدث الاتحاد الأوربي، وذلك يعود إلى أن الأوربيين خصوم تقليديون لنا، وخصومتنا لهم مثل خصومة أبي جهل مع رسول الله (ص)، فهو خصمه حتى لو علم أنه رسول الله، وأن ما جاء به هو الحق: (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا، فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) النمل: 27/14.
لا بد من التحليل، لا بد من نتح بئر القلوب وإخراج ما فيها من فساد ووهم وظلم وعلو، والظلم هو الاحتفاظ بالامتيازات، وعدم القبول بالسواء بين البشر، والسعي للارتفاع فوق البشر مع الشعور بأنهم حقراء، وأنه لا يمكن أن يكون فيهم خير، والادعاء بأنهم فاسدون وأقذار وأدناس.