اليأس والكفر والتذكر
من Jawdat Said
لا تيأس، تذكر فإن الذكرى تنفع، تذكر فإن الذكرى تريك كيف يتحول المستحيل إلى ممكن، لا تنس، لا تغفل، ولا تفرط، قف وتثبت في لحظات الإشراق، تعرف على الظروف والحالات حتى لا تفلت منك فتقعد حسيراً، تمسك بنور الأمل، لا تيأس، لا تنس العلاقة القائمة بين اليأس والكفر.
ما الذي يحصل لليائس؟
إنه يقعد، إذن القعود هو الكفر، تعلم ما هو الكفر، الخمول هو الكفر، الكفر هو عقيدة الخامل اليائس، عقيدة الذي لا يرى ما كان كيف كان، وما سيكون كيف سيكون.
ما هي التصورات التي جعلتك يائساً، متشائماً، لا يخطر في بالك غير الحقد والتدمير؟ نعم يا أخي، نعم أيها الإنسان القلق، الخطير، العجيب، إن لك تاريخاً، ولك مستقبلاً، ورحمة خالقك سبقت غضبه، وخالقك رحمن رحيم.
اخرج وأشعل الضياء.. سيتبدد الظلام، أَظْهِر الحق وسيزول الباطل، تَعلّم قوانين هذا الكون وسترى أنها تراودك …
(يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ) يس: 36/30، إن مهمتهم هي عمارة الأرض لا إفسادها وتدميرها، خلقوا للبناء لا للخراب والإتلاف والتبذير، لقد غرس فيك القصد والاقتصاد في الزمن والجهد، لا تفرط، لا تغفل، لا يستخفنك الذين لا يوقنون، لا يجعلونك تيأس من رؤية التغيير الذي سيحصل للقاعدين الساخرين اليائسين، أشعل النور، وإنهم سيهبون جميعاً، أظهر الحق، وإنهم سيتألقون، ستعود الحياة إلى نفوسهم الخاملة، سيعود البريق إلى عيونهم الذابلة، وسترى النضارة في وجوههم.
هل نظرت مرة في حياتك إلى إنسان كان مريضاً يتألم، زائغ البصر كالح الوجه مكتئباً، وبعد أن تناول الدواء المسكّن أو الدواء المعافي، كيف تعود النضارة إلى وجهه، والبسمة إلى أسايره، كذلك فإن علاج النفوس ودواء القلوب هو الذي يعيد إلى الناس الحياة، ويزيل عن قلوبهم الجهل والظلام، وبعدها يتنفس الناس الصعداء بزوال هذا الذي لم يكونوا يظنون أنه يزول، إنه سيزول وسيستريحون منه، وسينسون أنه كان ثقيل الوطأة عليهم، وسيتعجبون من الناس كيف كانوا يعيشونه ولا يرون له مخرجاً.
إن هذا السحر الذي نعيشه لمدهش!! ولكنه غير قابل للكشف والتجاوز، انظر كيف كان الذي كان، وستعلم ما سيكون وكيف سيكون.
ما هي نقطة الضلال والانحراف؟
إن نقطة الضلال تحدث عند لحظة معينة، إنه يحب الخير حباً شديداً: (إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ، وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ، وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) العاديات: 100/6-8.
نقطة الضلال تحدث حين يريد هذا الإنسان أن يختصر طريق الخير، وبنفس الشدة التي يكون فيها حبه للخير؛ يكون سعيه للحصول على الخير بسهولة، وعندها يحصل الضلال في اختيار الطريق الأسهل.
ليس في البحث عن الطريق الأسهل مشكلة، إنه أمر مشروع، بل إن جهود البشر وامتحان ذكائهم يكون بابتكار الطرق السهلة واختصار الزمن والجهد للحصول على الخير الأكثر والأعم والأوسع.
تأمل هذا الموضوع، تأمل هذه النقطة، تأمل فكرة أن أعظم الخير يكون في معرفة كيفية تحصيل الخير الكامن في الإنسان.