الواقع وما بالأنفس

من Jawdat Said

اذهب إلى: تصفح, ابحث
كتب جودت سعيد

كن كابن آدم


Kunkabkadm.cover.gif
انقر هنا لتحميل الكتاب
مقدمة وتمهيد
المقدمة
تمهيد
الفصول
الفصل الأول: السلطة والمعرفة
الفصل الثاني: الخوف من المعرفة
الفصل الثالث: قراءتان للقرآن
الفصل الرابع: الغيرية والجنون الأعظم
الفصل الخامس: الإنسان والتاريخ
الفصل السادس: في دلالات آية الوحدة الأوروبية
الفصل السابع: مذهب الرشد، مذهب ابن آدم والأنبياء


إن الصور الذهنية التي نعطيها للأسماء والرموز والأفكار التي نحملها هي التي تحكمنا وتشكل مفاهيمنا ومعتقداتنا، وبكلمة واحد مختصرة أقول: إن ما بالأنفس هو الذي يصنع الوقائع.

ولكن ما هو الشيء الذي بالأنفس؟ كيف يحل بالأنفس، وكيف نتقبله؟وهل يحدث ذلك تلقائياً؟

ما هي أركان التغيير؟ أين مكانه؟ من الذي يغير، وماذا يغير؟ ماذا يرفع، وماذا يصنع؟ وعلى أي أساس يرفع ويضع؟

كيف يصلح الإنسان، وكيف يفسد؟ كيف يزكي نفسه، وكيف يدسيها؟ كيف يصل إلى الهدى أو الضلال؟

ما هو المرجع في الفساد والصلاح، في الخير والشر، في النافع والضار، في الهداية والضلال؟

إن الفساد والصلاح يستويان إن لم يُنظر إلى العواقب: (وَمَا يَسْتَوِي الأعْمَى وَالْبَصِيرُ، ولا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ، وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ) فاطر: 35/19-21.

ما هي درجات الحرارة التي يتحملها الإنسان، ويعيش فيها بارتياح؟ ما هي درجات الحرارة التي يهلك ويتجمد فيها المجتمع أو يحترق؟

ما هي العلاقات الصالحة والفاسدة في المجتمع؟ كيف نعمى عن هذه العلاقات، ولا نقدر على إبصارها؟ ما سبب هذا العجز، وما سبب تنزيه الذات، وكيف يتزين سوء العمل فيتحول إلى حُسْنٍ في نظرنا؟ لماذا إذا قام الإنسان بالعمل بنفسه؛ يراه حسناً ومعقولاً ومقبولاً وجميلاً، وإذا عمله الآخر يصير ظلماً ودنساً وحقارة وجنوناً، ولا يصلح العالم إلا بإزالته وتدميره؟

ما ميزان الحسن والقبح؟ هل صورنا الذهنية هي ميزان الحسن والقبح؟ وإذا كانت صورنا هي الميزان، فإن للآخر صوره الذهنية، ويعتبرها مرجعاً له، وإذا استوى الميزانان، تساوى الوزن فيهما، وبمقدار ما أقدس نفسي وأدنس الآخر، فإنه يصدق أيضاً أن أكون مدنساً في نظر الآخر.

هل نملك القدرة على أن نتأمل هذا الموضوع؟

الأمر ليس بحسب أهوائنا أو أهواء الآخرين، بل هو على حسب سنن الله التي لا تتبدل ولا تتغير، والتي لا يتحول بموجبها الحسن إلى قبح، والقبح إلى حسن، لا تستوي الحسنة ولا السيئة في ميزان الله، بينما تستوي في موازيننا الحسنة والسيئة. بل وتتحول السيئة إلى حسنة (زين له سوء عمله فرآه حسناً) وكذلك العكس.

إن أهواءنا ليست معصومة، وكذلك أهواء الآخرين، والبشر جميعاً خطاؤن، وخير الخطائين هم الذين ينظرون إلى عواقب أهوائهم، فيكشفون أخطاءهم ويغيرونها.

أيها الإنسان! إنك لا تستطيع أن ترى وجهك بعينيك إلا إذا استعنت بمرآة عاكسة، ولا تستطيع أن ترى قفاك إلا بمرآتين.

أيها الإنسان لا تثق بفهمك، إذا طالما خدع هذا الفاسق الناس، بل ثق بالتاريخ وعواقب الأمور، لا تثق ببصرك، فإن بصرك لا يحول السراب ماءً.

لقد ذكر القرآن في سورة الفرقان أحداثاً تاريخية عديدة، فذكر موسى وهارون وفرعون، وتحدث عن عاد وثمود وأصحاب الرس، والقرون (الأقوام) الكثيرة التي كانت بين ذلك، ثم قال: (وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً، إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا، وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً، أَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً، أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ، إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً، أَلَمْ تَرَى إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً) الفرقان: 25/41-45.

في هذه القصص يذكر القرآن على أحوال الماضين، وكيف انه لم يكن بمقدورهم السماع والأبصار والتعقل، وكيف أن الذين يتصفون بهذه الأوصاف هم كالأنعام؛ بل هم أضلُّ، (وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً) الفرقان: 25/41.

إن هدفي من هذا السياق تلمس الحالة الإنسانية وطبيعة اختلاف الفهم في تفسير الوجود، فتفسير الوجود قد يتناقض مع تفسير وفهم مجتمع آخر إلى درجة تُفْقِدُ الطرفين القدرة على التفاهم والتواصل، والمشكلة هي أن الإنسان قد يزين له سوء عمله فيراه حسناً، ولكن كيف يفهم الإنسان انه على خطأ أو على صواب؟؟!

الفصل الأول: السلطة والمعرفة الفصل الثاني: الخوف من المعرفة الفصل الثالث: قراءتان للقرآن
بدايات التفكير بـ (كن كابن آدم)ابن آدم ومشكلة الفسادأثر المناخ الثقافي في آلية التفكيرأمراض الجسد وأمراض الفكر والنفسبل أنتم بشرالمسلمون وعبر التاريخالإله وتصوراتنا عنهالواقع وما بالأنفسمرجعية العواقبالعدمية في الفلسفة الحديثةدراسة التاريخ في المدة الطويلةثم جعلنا الشمس عليه دليلاًالواقع والصور الذهنيةبناء الحياة الراشدةالخوف من المعرفةالخروج من لعبة القاهر والمقهورالقرآن و(لا إكراه في الدين)ميزان الزبد والنافعالقرآن ومبدأ التوحيدالتوحيد و(لا إكراه في الدين)ميزان العواقببين الرشد والغيالجهاد و(لا إكراه في الدين)عواقب التباس الرشد بالغيتعميم مبدأ اللاإكراهالعالم وعقيدة التشاؤم