اللغة والعواقب
من Jawdat Said
لا معنى لأي شيء دون العواقب، كل واحد يستطيع أن يفسر الأشياء كما يريد، وأن يعطي للكلمات ما يريد من معنىً، ولكن الواقع لا يخضع للمعاني التي نعطيها للكلمات، فكلمة الله، الرسول، الكتاب، اليوم الآخر، الكافر، الفاسق، هذه الكلمات والأسماء ليست هي حقائق الأشياء، إن السلطان ليس في الكلمات والأسماء: (إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزَلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ) النجم: 53/23.
والدعاوى إن لم تقيموا عليها بيناتٍ أبناؤها أدعياء
والبينات هي العواقب: « من ثمارهم تعرفونهم »، والعواقب لا تحابي أحداً، (وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا، وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) الأنبياء: 21/47، وقد قال الغزالي: « من طلب المعاني من الألفاظ ضاع وهلك، وكان كمن يستدبر الغرب وهو يطلبه، ولكن من حرر المعاني أولاً ثم أتبع المعاني الألفاظ فقد اهتدى ». ولكن كيف يكون تحرير المعاني؟؟
سنضطر في النهاية للتحاكم إلى العواقب، إلى قانون الزبد الذي لا يرحم صورنا الذهنية، ومعانينا التي نزخرفها: (كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ، فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً، وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ) الرعد: 13/17، إن لم تصدقوا هذا؛ فانظروا إلى الماضي، وإن لم يكف ما في الماضي من المثلات؛ فانتظروا المستقبل، ولن يُخْلِفَ الله وعده رسله، ولن يغير سننه، ولن تبكي الأرض والسماء على الذين يجهلون قانون الله..
لقد قالوا: مات الله؟
لأن الله الذي في أذهانهم مات حقاً.
ولماذا قالوا: مات الإنسان؟
لأن الإنسان الذي في أذهانهم مات حقاً، وظهر خطأ الصور والمعاني التي كانت في أذهانهم، والتي ظهر زيفها وخطؤها.
ستموت الصور الذهنية الموجودة في أذهانهم عن قدرة الإنسان على فهم الله والإنسان فهماً منفصلاً عن العواقب، لأنه ليس غير العواقب شيء يثبت المعاني.
لقد أعطينا العصمة والقداسة لصورنا الذهنية، مهما كانت العواقب مخيبة للآمال في بشاعتها: (ذَلِكُمْ ظَنُّكُمْ الَّذِي ظَنَنتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنْ الْخَاسِرِينَ) فصلت: 41/23، (يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ) آل عمران: 3/154.