القرآن ينقل مصدر المعرفة إلى التاريخ
من Jawdat Said
لقد انتقل مصدر المعرفة، بواسطة القرآن إلى التاريخ وأحداث البشر، وإلى الصراع بين المستكبرين في الأرض والآمرين بالقسط من الناس.
تأمل هذا جيداً، لا تنسَ التاريخ، إن نسيانه يوهن العزم، وإن تذكره يثبت الفؤاد، وإذا لم تسمع هذا من قبل، فاسمعه الآن، وإن كنت تتردد في تفهمه، فأعد النظر كرتين، بل ثلاثاً، وأنا أعيد وأعيد النظر مرراً، وعلى قدر إعادتك وتأملك يكون فؤادك ثابتاً، وإلا فإنك تفقد العزيمة والثبات.
إن أنباء السابقين فيها موعظة وذكرى للمؤمنين، ومن لم يتعلم من أحداث السابقين، فسيدفع الثمن، وسيلدغ من الجحر الواحد، ليس مرتين، ولكن مراراً كثيرة، ولن يملَّ الله حتى تملّوا.
كيف سنزين للشباب الإسلامي والعالمي معرفة التاريخ، وأنه يمشي وفق تخطيط الله الذي لا يضيع طريقه، ولم يضيع طريقه خلال مليارات السنين.
لقد صار للإنسان قدرة وأمانة عظيمة، بما أعطي من قدرة على تأمل التاريخ، وإمكان اختزاله بتقليل الزمن والتكاليف، وعدم تكرار التجارب الخاطئة.
هذا هو مكان الإنسان الذي ينبغي ألا ينساه ويغفل عنه.
إن عدم معرفة أهمية التاريخ هو الذي أوصل الفلسفة الغربية والفكر الغربي إلى العدمية السوفسطائية العبثية، وإلى أن العالم ليس فيه حق يمكن التعرف عليه، ومن هنا أعلنوا موت الله، وموت الإنسان، ولم يبق أمامهم إلا العدمية على درجات متفاوتة، ولكن العدمية تمنع الحركة مطلقاً، لأنه لم يعد يوجد لا رشد ولا غي، وكله باطل الأباطيل وقبض ريح، ولو أن الفكر العدمي سيطر على الإنسان شعوراً ولا شعوراً لتحول إلى مجرم كما فعل التوسوري، ومن لم يصل إلى هذه الدرجة فإن حياته لن تكون أفضل كثيراً.
إن ذهن الإنسان لا يؤتمن، ولكن التاريخ يؤتمن، لأن التاريخ لا يمشي على أهواء البشر.
إن للتاريخ هدفه، ولذلك يجعله القرآن مصدراً للمعرفة، وليس هذا فقط، بل إنه الشاهد الذي يعتمد عليه القرآن في إثبات صدقه، وليعلم الناس أهمية التاريخ، وأنه المرجع الأول والخير، فإن من لا يعتبر بالتاريخ المكتوب، فإن التاريخ الحي المتحرك في الأرض سيضطر الإنسان إلى الاعتبار وتغيير المسار، وسيضطر الناس إلى قبول هذا. ومن لم يعرف هذا النبأ فسيعرفه رغماً عنه (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) ص: 38/88، (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا، وَنَرَاهُ قَرِيبًا) المعارج: 70/6-7.