القرآن والشك
من Jawdat Said
ما الذي جعلني أخوض في هذا كله؟
إنه قوله تعالى: (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ) يونس: 10/94. في هذا الكلام نجد جواز الشك، بل وجوبه، حتى لا نقع في العدمية، فنحن نستطيع أن نشك، بدون عدمية، للوصول إلى وجود أفضل لا إلى وجود أسوأ.
ماذا نفعل إذا حدث لدينا شك؟
نسأل الذين يقرؤون، والذين قرؤوا من قبل وكتبوا وفكروا، نسأل كتب الأرضيين والسماويين، ولكن الكتاب السماوي يردنا إلى الوقائع الأرضية، إلى الذين نقلوا الكتاب، والكتاب أيضاً وسيلة لحل المشكلات، فلننظر إلى الذين حلّوا المشكلات، إلى الذين عجزوا عن حلّها، ينبغي أن ننظر إلى الكتاب كواسطة مساعدة للانتقال من الذين حلّوا المشكلة إلى الذين لم يحلوها بعد، ولا يتمكنون من حلها، لمساعدتهم وإفادتهم من تجارب غيرهم عبر الكتاب، ليقوموا بعملية التغيير.
إذا كنت في شك، فينبغي أن تحدد الموضوع الذي تشك فيه:
أولاً: أنا لا أشك في أن العالم يتقدم إلى الأفضل،فبعد النباتات خلقت الحيوانات، وآخر الحيوانات هو الإنسان، وقد بدأ الإنسان بالمساهمة في تسريع الخلق واختصار الزمن. علينا ألا نشك بهذا في عمومه، وإلا سقطنا في العبث والعدم والسوفسطائية، ولكن بعد هذا علينا أن نشك كثيراً، وأن يحملنا الشك على تبين السلوك الراشد من السلوك الخاطئ الغاوي.
ولكن بعد هذا علينا أن نشك كثيراً، وأن يحملنا الشك على تبين السلوك الراشد من السلوك الخاطئ الغاوي.
علينا أن نتبين الرشد من الغي، علينا ألاّ نسلك الطريق الذي يأخذ وقتاً طويلاً وجهداً كبيراً، ولا يحل المشكلات، بل يبقينا بعيدين عن الحل، إذا لم نهجره بالكلية.
علينا أن نسلك الطريق الذي يأخذ منا وقتاً قصيراً وجهداً قليلاً، وبمجرد أن نبدأ به تتيسر الأمور،ونبدأ بالاقتراب من الحل، والحصول على مردودات أثمن.
هذا ما ينبغي أن نشك فيه، لا أن نبقى متبلدين نبذل أموالنا وأنفسنا في سبيل الخراب واليباب، فنخجل من أنفسنا، ومما ارتكبناه، ولا نعرف كيف نخرج منه.
علينا أن نشك، وألا نكون من الذين كذبوا بآيات الله، ألا نكون مثل ثمود الذين استحبوا العمى على الهدى.
نحن لا نشك في الأهداف، أهداف العرب والمسلمين، ولكننا نشك كل الشك في الأساليب التي يريدون أن يحلوا المشكلات بها، بل إنني أقول: ليس عندهم أسلوب لحل المشكلات، فهم في حيرة وعماء، وقد ثبت فشل حلولهم القديمة، ووصل الأمر إلى ظهور أن هذه الحلول القديمة؛ حلول الإكراه، حلول المهديين، حلول الأبطال القوميين، وصلت إلى طريق مسدود سدّاً محكماً، بعد أن كنا ننظر إليها، في يوم من الأيام، على أنها ممكنة.