القتل والتهجير
من Jawdat Said
إن بإمكاننا أن نقول: إن سفك الدماء، والإخراج من الديار، هما منتهى الفساد، ودون ذلك ذنوب كثيرة صغيرة، من الهمز واللمز وما شاكلهما.
القتل والتهجير مشكلتان قديمتان وحديثتان: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ: لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ) إبراهيم: 14/13، (قَالَ الْمَلأ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ: لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا، قَالَ: أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ) الأعراف: 7/88.
وورقة بن نوفل قال لرسول الله (ص): ليتني معك إذ يخرجك قومك، فقال (ص): « أو مخرجي هم؟! » قال: نعم، ما جاء أحد بمثل ما جئت به إلا وعودي.
والعالم الحديث مليء بالمُهَجَّرِين من ديارهم، الملايين أجبروا على هجر ديارهم خوفاً من القتل.
القتل والتهجير مذكوران في القرآن كثيراً، والجريمتان الكبيرتان المحددتان في القرآن نصاً هما القتل والتهجير.
الذنب الذي لا يغفره الله هو الشرك، وعقاب الله عليه يكون في الآخرة، أما القتل والتهجير، فهما الذنبان اللذان لا يقبل أو لا يجوز قبول مرتكبهما في المجتمع الإسلامي، فمن وقع في هذا فلا يقبل في المجتمع الإسلامي بحسب القرآن.
ولكي نحدد مشكلة الفساد وسفك الدماء، علينا أن نحدد متى ومن يجور له ممارسة القتل وسفك الدماء، بحيث تكون ممارسته جائزة وبالحق، كما ينبغي علينا أن نحدد متى ومن تكون ممارسته قتلاً محرماً وبغير حق. فكل واحد قد يدعي أنه يمارس القتل وسفك الدماء بالحق، وهنا يحدث الالتباس، ولا يكون الرشد قد تبين من الغي، فيختلط الرشد بالغي، ويختلط الطاغوت بالإيمان بالله، وإذا اختلط الرشد بالغي، والطاغوت بالله، فإن الإنسان لا يعود ممسكاً بعروة وثقى، وعندها يدعي كل واحد أنه الحق، وأن الآخر هو الباطل.