التوحيد و(لا إكراه في الدين)
من Jawdat Said
كل هذا مهم، ولكن الأهم هو أن نعرف: معنى آية الكرسي، معنى (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ) ومعنى (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ). لأن مبدأ (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) متصل بمبدأ (اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ)، وكثيراً ما يحدد القرآن معنى (لا إله إلا الله) بالطاعة، بالإسلام، بالخضوع، ولكن هذا لا يكفي إذا لم يكن عن اقتناع وتصدق وإيمان، لأن الطاعة والإسلام والخضوع الذي يأتي بدون اقتناع وتصديق لا يكون ديناً، ومن هنا كان مبدأ (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) تفسيراً لآية الكرسي، وتوضيحاً لها، لأن الاعتراف الذي يأتي بالإكراه لا يكون ديناً، وكما انه (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) كذلك لا دين في الإكراه، بل هو نفاق ورفض من الأعماق، ولكن القناعة وحدها غير كافية أيضاً، إذ إن كثيراً من المقتنعين والمؤمنين لا يكونون مقتنعين بالصواب، ولذلك يكون إيمانهم على الخطأ وبالخطأ.
ليس كل إيمان صحيحاً، فكما يمكن للإيمان أن يكون بالصواب، كذلك يمكن له أن يكون بالخطأ، فهناك إيمان بالله الحق، وهناك إيمان بالجبت والطاغوت (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنْ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ) النساء: 4/51، (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ) العنكبوت: 29/52، (أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ) النحل: 16/72.
إذن، لا يقتضي وجود الإيمان أن يكون هذا الإيمان إيماناً بالحق كما يظن كثير من الناس.
لابد من الوقوف عند هذه النقطة، لأن المؤمنين بالصواب، والمؤمنون بالخطأ يشتركون في الإيمان، وقد يبذل كل واحد منهما نفسه في سبيل إيمانه، ويظن كل واحد منهما أنه على الحق المبين، ولا يعتبر بذل النفس والمال دليلاً على صحة الإيمان، لأن المؤمن بالخطأ يبذل نفسه وماله في سبيل الإيمان الخاطئ.