التاريخ يزيل الالتباس
من Jawdat Said
أريد أن أعرض مثلاً، وإذا قبلناه، فسنحاول جهدنا في شرحه والتفكير فيه مع الآخرين، وربما يكون الطريق الذي نريد أن نسلكه صعباً، كما كان في السابق، وربما يكون ملتبساً، وربما تراه غير ممكن، ولكن التاريخ يقدم لنا أمثلة أدعى للفهم وإزالة الالتباس.
وإنني حين أعظم التاريخ، وأجعله المرجع والمرجعية العظمى والأخيرة، فما ذلك إلا لأنه مصدر زوال الالتباس، ولأنني أشعر أن اللجوء إلى التاريخ هو الذي يحيي أسلوب القرآن في التربية والإفهام وتقديم المثلات والاعتبار بصنع الله في التاريخ وإبداعه في خلقه: (الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) طه: 20/50، فهو الذي هدى البشر بالعبر والنظر والتأمل.
ينبغي أن أعيد إلى المقدس قداسته، إن التاريخ هو مصدر معرفة الزبد الذي يذهب جفاءً، والنافع الذي يمكث في الأرض، ومهما تجاهله المتجاهلون، فإن الذين يتجاهلونه هم الذين يذهبون جفاءً ويُنسخون رغماً عنهم، وسيجبرون على القبول به صاغرين، وميزة الذي يقبله هو أنه يختصر الزمن ويقلل الخسارة عن طريق قبول الأنفع وترك ونبذ الزبد والضرر.
والمثل الذي سأضربه لك، وإن كنت تسمع به كثيراً، لكن احداً لم يقل لك إن فيه عبرة وتاريخاً ونفعاً وتجنباً لطريق الغي واهتداءً لطريق الرشد، وإنني - وإن لم أقل -: إنه الرشد ولا مزيد عليه، إنه غير قابل للزيادة في الرشد، فإنني أقول: إنه بلا شك أقرب للرشد والنفع، بل إنني سأقول أكثر من هذا، سأقول ما لم تسمعه من قبل: إن هذا المثل الذي أسوقه مثل الأمثلة التي يقول الله عنها: (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ) يوسف: 12/105.