الفصل الأول: السلطة والمعرفة
من Jawdat Said
الاختصاص والمؤسسة
(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ) آل عمران: 3/104، (فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ) التوبة: 9/122، (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ) النحل: 16/43.
الأمة والفرقة والطائفة وأهل الذكر، كلها ألفاظ تدل على المختصين، ولعل مصطلح أهل الذكر هو الأكثر دلالة على موضوع الاختصاص أو التخصص في المعارف والمهن النظرية والعلمية.
إن وجود التخصصات المعرفية والعملية أمر جوهري في الحياة الاجتماعية، ومن ذلك تقسيم العمل في الحياة الإنسانية، وتمايز أعضاء الجسم، وانصراف كل منها إلى وظيفته، وكل هذا يعد تخّصاً. وللمختصين وجودهم الخاص حيث يكوّنون المؤسسة، مؤسسة أهل الذكر، وسؤال أهل الذكر هو استشارتهم.
المجتمع كالبنيان وكالجسد له أعضاء، وكل عضو في الجسد ذو اختصاص يقوم به في حالة الانفصال والاتصال، انفصال الاختصاصات واتصال بعضها ببعض، والخلل في هذا يؤدي إلى سرطان، وذلك حين لا يعود العضو يعمل ضمن الوصل، بل خارجه.
كيف يمكن فهم الاختصاصات؟ وأن كل اختصاص يكون مجموعته أو أهل ذكره، وكيف تكون صلة أهل الذكر هؤلاء بالمجتمع؛ ببقية الأعضاء؟
ما هي العلاقة بين المعرفة والسُّلطة؟ وكيف تنفصل وتتصل بالسلطة؟ السلطة الواعية والسلطة اللاشعورية؛ المعرفة الواعية والمعرفة اللاشعورية.
حين نقول: ما هي العلاقة بين المعرفة والسلطة؟ فكأننا نقول: ما هي العلاقة بين أصحاب العلم وأصحاب العمل؟ بين الفكر والسلوك، بين العلم والعمل، بين أهل التفكير وأهل التنفيذ. في الحياة العملية أهل الفكر أعلى درجة، وأهل التنفيذ هم المهندسون والعمال المنفذون.