الإيمان والظلم
من Jawdat Said
(الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ)، لكي نتعامل مع الإنسان من منظور هذه الآية ينبغي أن نعرف الإيمان والظلم، وإمكانية الالتباس بينهما، وأن الأمن والهداية إنما يحدثان حين يزول الالتباس بين الإيمان والظلم.
إذن، ينبغي علينا أولاً أن نفصل بدقة بين الإيمان والظلم، فإذا زال اللبس حصلت الهداية والأمن.
هل نستطيع أن تقترب من فهم كلٍ من الإيمان والظلم؟
لعل إمكانية فهم الظل أقرب من إمكانية فهم الإيمان، ولكن الإيمان يتوضح حين نفهم الظلم، فالإيمان قد يكون بالحق وقد يكون بالباطل، قد يكون إيماناً بالله، وقد يكون إيماناً بالطاغوت.
إننا إن نظرنا إلى العالم نجد أنَّ الإيمان موجود إلى درجة أن في الناس من يحرق نفسه في سبيل ما يؤمن به، ويبذل ماله وكل إمكاناته في سبيل معتقده الذي ربما يكون خطأ، ولكنّ هذا الإيمان مبعثر، وليس هذا فحسب؛ بل إن هذا الإيمان قد يكون عاملاً سلبياً، والذي يكون عاملاً سلبياً، والذي يوجهه إلى الإيجاب أو السلب هو نحن، ولذلك علينا أن نبحث في الكيفية التي تمكننا من أن نوجهه إلى الإيجاب لا إلى السلب، وهذا ما سيؤدي بنا إلى فهم موضوع الظلم.
الظلم ضد العدل، وبضدها تتميز الأشياء، والعدل هو المساواة، ويقال للكيس الذي يُحمل على جانب من البعير عدل، ويكون على البعير عدلان، أي كيسان متعادلان، ليتوازن الحمل على ظهره، وكلما كانا متساويين كان الحمل أكثر توازناً، وإذا اختلفا اختل الحمل وصعب تحقيق التوازن.
الْعَدْلُ هو أن تعطي للآخر مثل ما تعطي لنفسك، أو أن تعطي لنفسك مثل ما تعطي للآخر، وحين ترفض هذا تكون واقعاً في الظلم، وبقدر رفضك للعدل بقدر ما تقع في الظلم، إن قليلاً فقليل، أو كثيراً فكثير.
تأمل هذا ولا تضيعه، ولا يلتبس عليك، لأنه بقدر ما يلتبس عليك بقدر ما تفقد من الأمن والهداية، والمجتمع الذي يقع فيه الالتباس، ويختلط نظامه بالظلم، يفقد أبناؤه الأمن والهداية.
أحياناً أشعر أنني أقترب من الإمساك بتقنية المجتمع،وأشعر أن آليات المجتمع قد خرجت من الظلام وصارت تحت الضوء، فكيف نحتفظ بالنور، كيف نمسك بالضياء لإزالة اللبس، وللامساك بالأمن الداخلي والراحة النفسية والإحساس بالهداية؟
إن الأمن أهم من الهداية، لأنك إذا حصلت على الأمن شعرت انك مهتد، وما دمت خائفاً فإنك لم تهتد ولم يحصل لك الأمن.
نعم، قف عند المكان الذي تشعر فيه أنك أضعت المفاتيح وغاب عنك النور وحصل لديك الالتباس.
كيف أستطيع أن أمسك بالإيمان الذي ليس ملتبساً بظلم حتى أحصِّل الأمن والهداية؟