الإنسان وعلم التغيير
من Jawdat Said
هل أستطيع، بمحاولاتي هذه، أن أفتح بعض الشقوق، إن لم تكن نوافذ، لاختراق المأزق الذي نعيش فيه؟
الحياة ليست بهذه القساوة، بل إن باستطاعتنا أن نجد الحلول الميسرة السهلة الاقتصادية، التي تقطع تسلسل الخطأ وإعادة إنتاجه.
تذكر مرّة أخرى كيف أن الله تعالى خبَّأ عن البشر حركة الأرض، فكانوا يظنون أن الشمس هي التي تدور حولنا، وكان لديهم استعداد أن يقتلوا من يرى غير ذلك، وعندهم استعداد لأن يموتوا في سبيل المحافظة على هذه الفكرة، وكانوا ينسبونها إلى الله وإلى المقدس: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ، وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ) الشعراء: 26/67-69.
سأظل أتلو عليك من أنباء ما قد سلف: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأوْلِي الألْبَابِ، مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى، وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ، وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) يوسف: 12/111.
إن علم تغيير ما بالأنفس علم لم يبدأ بعد في الجلاء والوضوح، ولا نزال نعيش في عهد يشبه عهد الأمراض الجسدية قبل أن يعرف الناس الجراثيم، كم كانت الأوضاع مأساوية في ذلك الحين؟! وكيف توقفت الأمراض بعد أن عرف الناس أسبابها؟!!
إن الأمراض النفسية التي نعيشها شبيهة بذلك شبهاً كبيراً، ولكن كيف نفهم أن عالم الأفكار قابل للفهم مثل عالم الأجساد؟
لقد كان باستور يفكر وهو في مختبره بالكيفية التي تتولد فيها الأمراض الجسدية وتنتقل بالعدوى، ولكن كيف نفكر نحن الآن في قوانين تكوين عالم الأنفس؟
حقاً إن الأمر غامض، ولكن هناك شقوق يمكن من خلالها الاطلاع على ما بالأنفس، فكيف نقلنا ما بالأنفس من أفكار، وكيف غرسناها؟
حينما نعرف مسار تلك العملية؛ فإننا نتمكن من وضع عملية تغيير ما بالأنفس تحت إشرافنا الدقيق، وتحت الأضواء الساطعة، ولعل محاولتي الصغيرة جداً هي محاولة للتنبيه إلى الكيفية التي نغرس بها الأفكار دون شعور منا، ودون شعور من الطفل.
إننا نورثهم أمراضنا الثقافية، والدخول إلى هذا العالم، إلى خريطة عالم الأنفس، وإلى المراحل التي تتكشف فيها، يكشف عالماً جديداً كل الجدّة.
إن العلماء تعمقوا في الفلك واستطاعوا أن ينظروا إلى أبعاد كونية بملايين ومليارات السنين الضوئية، وتغلغلوا إلى داخل الذّرّة، إلى جزيئاتها، ولا يزالون يتوسعون ويتغلغلون، ولكن ما شأن عالم الأنفس؟ كيف يمكن أن نتعلم مبادئه الأولية؟