الإله وتصوراتنا عنه
من Jawdat Said
الحدث محكوم بخبايا النفس، فدعني أخبرك أن ما بنفسك هو إلهك ودينك، وأن أفكارك هي إلهك ودينك، فإذا قلنا: إن أفكارك لن تغن عنك شيئاً، فكأننا قلنا: إن إلهك لم يغن عنك شيئاً: (فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمْ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ) هود: 11/101، (وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً: أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً، إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا) الفرقان: 25/41-42.
لو قلنا: ما أغنت عنهم أفكارهم شيئاً، أو: إن كاد ليضلنا عن أفكارنا؛ لما تَغَيّرَ من الموضوع شيء.
إن إلهك هو تصورك عن إلهك، وهو الكيفية التي تفهمه بها، وتصورك عن تصرفاته ومقاييسه وموازينه.
إننا نعظم الله كثيراً، ولكننا في واقع الأمر نعظم أفكارنا عنه ونتمسك بها.
لقد كان الذين يناصبون النبي العداء؛ يثقون بأفكارهم ويقولون: (إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا، وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً، أَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً) الفرقان: 42-43، ولكنك حين تثق بأفكارك دون أن تربطها بالعواقب؛ فإن إيمانك بالله يتساوى بالإيمان بالصنم، وليست العبرة بالأسماء؛ بل بالمحتوى، وبالتصور الذي تحمله، سواء أكان عن الله أم الصنم: (وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمْ الَّذِي ظَنَنتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنْ الْخَاسِرِينَ) فصلت: 41/23، (يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ) آل عمران: 3/154.
إن ما بنفسك عن إلهك، وعن التاريخ هو الذي يضلك ويهديك، وإذا تعاملت مع سنن التاريخ وقوانين الله؛ فستحصل على العواقب سواء أكنت تؤمن بالله أو بالصنم أو بقوانين الكون: (كُلاًّ نُمِدُّ هَؤلاء وهؤلاء) أي الذين يعملون للدنيا والذين يعملون للآخرة، من كان يريد العاجلة، ومن كان يريد الآخرة.
والمجتمع الذي يعمل وفق سنن الله، فإن هذه السنن تنجيه في العاقبة، في الآخرة، فعمله هو الذي ينجيه في الدنيا، ولكن الشرائع التي وضعها الله للنجاة في اليوم الآخر؛ هي التي تبني الدنيا أيضاً، وارجع إن شئت إلى الأعمال التي ترفع درجاتك في الآخرة، وستجدها هي التي تبني دنياك على أحسن وجه.