أثر المعرفة التاريخية في الإنسان
من Jawdat Said
إن الناس يكبرون ويهرمون ويموتون دون أن تتوافر لهم الظروف التي توقظ شوقهم إلى التكامل، ولعلهم يقضون حياتهم كلها دون أن يشعروا ولو مرّة واحدة بالسعادة الغامرة التي يتمتع بها الإنسان حين يتعرف على التاريخ الماضي، وعلى كيفية حدوث ما حدث ومعاناة الناس لما عانوه.
إن هذا الفهم يولّد حالة من الخشوع والاحترام والقداسة للحياة، حالة من السّكر الذي يتحدث عنه الصّوفية الذين قالوا: « لو يعلم الملوك ما نحن عليه لجالدونا عليه بالسيوف ». كيف نصنع هذه البضاعة؟ كيف نذيقهم طعم هذه الحالات والمقالات؟ إنها ليست سحراً ولا خوارق، بل هي أمور لها طرقها وسننها التي يمكن كشفها وإيصالها إلى الناس.
إن إيصال الإنسان إلى تعرف الماضي والأمور التي كانت خافية عليهم جميعاً، وعلى كيفية إبداع الأشياء الجديدة، وإيصالها إلى الناس، عن فتح عين الإنسان وقلبه على هذا التاريخ؛ يجعله يعيش في نور غامر، ورؤية واضحة للعالم بشكل جديد ومبدع، ومن تمكن من رؤية الإعاقة التي نُمارسها على أنفسنا، وعلى أطفالنا، سيصاب بالدهشة من الكيفية التي نصد بها عن سبيل الله، وسيندهش أكثر إذا علم أن كل ما نريد الوصول إليه هو أن نقطع الطريق على الذين يريدون الوصول إلى الرشاد والسواء.
إننا لا نعرف معنى سواء السبيل، ولا صراط المغضوب عليهم، ولا نعلم الكيفية التي خلق الله بها عباده حنفاء.
إننا ضد التاريخ، وضد أعظم ما أبدعه الله بسننه خلال التاريخ، لقد نبذنا التاريخ بسهولة، ولم نقم له وزناً، ولم نر فيه إلا أكاذيب وحماقات تبعث النفوس على التقزز والغثيان إلى درجة الإغماء.
إننا لم نر كيف يصحح التاريخ نفسه، وكيف يذهب بالزبد جفاءً، ويحفظ ما ينفع الناس بكل دقة وأمانة.