قولهم ذهب سدى
من Jawdat Said
الشبهة العاشرة: قولهم ذهب سُدَىً
كنت أتحدث مرة عن هذا العمل، استشهدت بحديث « أفضل الجهاد: كلمة حقٍّ عند سلطان جائر »، فقلت: إن الرسول (ص) لم يقل: الذي ذهب إلى السلطان بسيف أو رمح يريد أن يقتله أو يغتاله، وإنما ذهب إليه وصدره مفتوح ليقول الحق، وإن أَّي ذلك إلى الشهادة(1)، فقلت هذا الذي ينبغي أن نعمله، لا أن نحمل سلاحاً إليه، فقال لي قائل: هل تريد أن يذهب إليه ليذبحه كالخروف ! هذا الفهم للموضوع، يسلب بادئ الرأي، كل فضيلة للقوة المعنوية فيعتبر مثل هذا خروفاً، بينما الرسول (ص) يعتبره من أعظم الجهاد، والمسلم الآن يعتبر من يقوم بأعظم الجهاد أنه قام بعمل الخروف.
مفاهيمنا هي التي تخذلنا:
إن هذه الأفكار مترسبة في أعماق الأمة، ونحن لا نحاول أن نقتلعها أو نضعف من فاعليتها.
وكذلك قولهم إن قُتِلَ ولم يكن هو قَتَلَ، كأنه ذهب سُدَّى، وإنما كان يكون موته مفيداً لو أنه مات مقابله آخر، أو ساق أمامه أكبر قدر ممكن إلى دار الآخرة قبل أن ينتقل إليها هو.
بينما نرى أن الإنسان لا يكون ما أصابه مثيراً للآخرين إلا إذا كان سبب قتله هو إيمانه بأن الله ربه. ونذكر ما قاله مؤمن آل فرعون. كما قال تعالى: (أَتَقتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِي اللهُ) [ غافر 40/28 ].