استثمار طاقات الأطفال

من Jawdat Said

اذهب إلى: تصفح, ابحث
كتب جودت سعيد

كن كابن آدم


Kunkabkadm.cover.gif
انقر هنا لتحميل الكتاب
مقدمة وتمهيد
المقدمة
تمهيد
الفصول
الفصل الأول: السلطة والمعرفة
الفصل الثاني: الخوف من المعرفة
الفصل الثالث: قراءتان للقرآن
الفصل الرابع: الغيرية والجنون الأعظم
الفصل الخامس: الإنسان والتاريخ
الفصل السادس: في دلالات آية الوحدة الأوروبية
الفصل السابع: مذهب الرشد، مذهب ابن آدم والأنبياء


تأمل شان من يبدع طريقاً ليحصد من الحبة سبع مئة حبة، بدل ذاك الذي يعود بحبة واحدة لا تسد النفقات، أو لا تأتي بأي حبة فيكون إنتاجه أقل من الجهد الذي بذله.

إن نظام الكون مبني على التسخير، والإبداع الأفضل دوماً، والتسخير الذي يعطي مردوداً أعلى ينسخ التسخير الأدنى مردوداً، وإن الاستثمار الأعظم هو استثمار إمكانات الأطفال على الاستيعاب، ويتحقق ذلك بابتكار الطرق التعليمية المشوقة.

تأمل شوق الأطفال للعب والحركة والتأمل والابتكار إذا كنت ممن يستفيد بحذق مما قدمه التاريخ. لا يوجد اعظم من هذا الاستثمار الذي يعمل على إبداع وابتكار النفوس الطليقة الفتية التي لا تملُّ من الاستمرار والإصرار العنيد على السير في طريق الإبداع، وذلك حين يتم وضعهم على الطريق.

هذا العمل هو اعظم الأعمال قاطبة على مستوى العالم كله، وقد ضرب عيسى عليه السلام مثلاً غاضباً، حين قال عن الذين يكونون قدوة سيئة لهؤلاء الأطفال، ويعيقونهم عن التزكية، ويقومون بدلاً من ذلك بتدسيتهم، وقال عنهم إنهم جديرون بأن توضع أحجار الرحى في أعناقهم ثم يقذف بهم في البحر.

تأمل في معنى قوله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) الشمس: 91/9-10.

كيف نغفل عن هذه الآيات؟ كيف نضلُّ عن التنبه والتأمل في هذه العبر؟ كيف نكسل ونتلبد ويتملكنا اليأس؟

إن الطاقة الكهربائية مبثوثة في كل مكان من العالم، ولكن كيف سينتبه الإنسان إليها؟ كيف سنكشف سبيل الرشاد لنسلكه؟ كيف نخرج من حياة الفساد والغي والقهر والكراهية والإكراه إلى حياة الرشد والرشاد؟

الرشاد!!.. الرشاد!!.. الرشاد!!..

ليس كشف الرشاد ككشف الكهرباء والتفنن في تسخيرها، لكنه يعتمد على الاهتداء إلى كشف الإنسان، إلى كشف القوى الكامنة في هذا المخلوق الأمثل، القابل لأن يكون في احسن تقويم وأعلى عليين، والقابل لأن يردّ إلى أسفل سافلين. إنه قابل لأن يعاق عن النمو والاكتمال، وان يحال بينه وبين سعيه إلى الإبداع.

لقد عاش الناس طويلاً قبل أن تدخل الزراعة وتربية الحيوان حياتهم، وعاشوا طويلاً وليس في حياتهم القراءة، عاشوا طويلاً وليس في حياتهم الكهرباء، والآن يعيشون وليس في حياتهم الرشد، ولا يزالون معاقين عن أن يصيروا أو يبلغوا حياة الرشد، وأن يستأنسوا بالرشد والرشاد.

كيف فقدنا الرشد في أنفسنا، وكيف فقدناه في مجتمعنا؟ كيف فقدنا الرشد في تربيتنا، وفي سياستنا؟

كيف دخل إلى ظننا إمكان أن يكون كل من السوط والعصا أساساً في تربيتنا المدرسية والبيتية، وفي التعامل مع الناس في مجتمعاتنا؟

لازلنا نردد مقولة: (عن العصا من الجنة)، وكانت قبل ذلك الكلمة التي يقولها الأب للمعلم حين يأخذ طفله إليه هي: (اللحم لك، والعظم لنا).

كيف لم ننتبه إلى أننا نمسخ حياة هذا الطفل المسكين؟ كيف نوحي إليه بان المعرفة لا تأتى إلا بالعصا والسوط؟ كيف نشوه استعداداتنا؟ كيف نؤسس الكراهية والإكراه في حياتنا من أول لحظة، ونقمع الحب، حب العلم، حب الاستطلاع، حب اكتشاف المجهول، حب الغوص في الأسرار والأعماق، حب الدخول والاهتداء إلى أعماق الأشياء المخبّأة.

إننا لم نصل إلى أعظم وأقدس ما وصل إليه إبداع الخلق، ولم نستطع أن نزرع في النفوس حب التطلع والمعرفة، هذا الحب الذي يتجدد مع كل مولود، وإذا كان ثمة فطرة فهي فطرة حب تعرف المجهول.

هل يمكن لي أن أقول: إن كل الوسائل التي نتعامل بها مع هذا الخلق المبدع (الطفل)، إنما هي وسائل تعيقه وتحرمه من إمكاناته، وتقطع عليه الطريق، وتستلبه، وتشعره بالحرمان، وتمنعه من النمو، وتقتل حبه وتوجهه للاستطلاع.. إننا بذلك نوحي إلى الإنسان انه لا سبيل للإصلاح والإبداع، وانه لا مناص له من التحول إلى الفساد والتخريب والتحدي.

إن البشر يفكرون في استغلال التراب والنبات والحيوان، ولكنهم يفكرون أيضاً في إعاقة الإنسان وابتكار الوسائل التي تجعله يائساً، وتضعه على طريق الفساد الذي يؤدي إلى الهدم لا إلى البناء.

إن الرشاد هو الاهتداء إلى السبيل التي تجعل الأطفال يستمرون في كشف المجهول بطرق متجددة في الإبداع، لا تجعل لهم سبيلاً للملل والتبرم والشعور بان طرق الإبداع والمعرفة قد سدّت في وجوههم، فإذا أبدعنا الخبرات الجديدة المتلاصقة فإنهم سيتعلمون بدون علل.

إننا بحاجة إلى أن نقدم للمتعلمين وسائل مشوقة ومحرضة لمساعدتهم على تقبل العلوم والمعارف الحديثة. إن هذا ممكن، وهو يتحدى ذكاء البشر القائمين على التربية، والتاريخ يعلمنا أن التبذير في الإمكانات يكون في البدء كبيراً، وكلما تقدم الناس، كلما زاد توجههم إلى الاقتصاد.

الفصل الثاني: الخوف من المعرفة الفصل الثالث: قراءتان للقرآن الفصل الرابع: الغيرية والجنون الأعظم
فعل الله وفعل الإنسانالارتباط الوثيق بين القراءتينموقف القرآن من الذي ينسبون أخطاءهم إلى اللهتوينبي ونظام سير الحضارةاستثمار طاقات الأطفالأثر المعرفة التاريخية في الإنساناحتفال القرآن بالمواقف التاريخية الصحيحةبين النظر والانتظارالتاريخ وفرز الحق من الباطلاهتمام القرآن بالتاريخالمسلمون والتاريخالتاريخ والحجة الإبراهيميةالمقدس والنافعالعواقب المعجلة والعواقب المؤجلةالدخول إلى معبد التاريخمذهب بلال ومذهب ابن آدمبلال وتغيير ما بالأنفساليأس والكفرالجنون والسحر والرحمة والعذابالأنبياء والرحمةمن دلالات حرب الخليجالقراءتان وصرف الإنسان عن الآياتأمراض الفكر وجراثيمه